حقيقة سجن فرناندو مارتين رئيس نادي ريال مدريد.. وما قصة أكبر رشوة في تاريخ ”غورتيل”؟

تزايدت الأحاديث مؤخراً حول تورط أحد الوجوه البارزة في الرياضة والأعمال في إسبانيا، بعدما حُكم على فرناندو مارتين، الرئيس الأسبق لنادي ريال مدريد، بالسجن على خلفية ضلوعه في واحدة من أكبر قضايا الفساد التي هزت البلاد، وهي القضية المعروفة باسم "غورتيل" ما أثار تساؤلات كثيرة بين المتابعين حول تفاصيل الحكم والدور الذي لعبه مارتين في هذه الفضيحة.
أعلنت المحكمة الوطنية في إسبانيا عن إصدارها حكماً يقضي بسجن فرناندو مارتين لمدة ثلاث سنوات وأربعة أشهر، بعد ثبوت مشاركته في سلسلة من المخالفات القانونية، تضمنت تقديم رشاوى بمبالغ ضخمة للحصول على امتيازات اقتصادية غير قانونية، وأُدين مارتين بدوره في تسهيل عملية فاسدة ارتبطت بمشروع عقاري كبير في بلدية أرغاندا ديل ري في العاصمة مدريد، حيث أكدت التحقيقات أنه تولى التنسيق مع أفراد الشبكة الفاسدة بهدف تمرير صفقة مشبوهة عبر دفع مبلغ ضخم لزعيم تلك الشبكة فرانسيسكو كوريا.
شهدت المحاكمة اعترافاً صريحاً من مارتين، حيث أقر بمشاركته في رشوة بلغت قيمتها الإجمالية 25 مليون يورو، ساهم هو منها بمبلغ سبعة ملايين، وصرّح خلال الجلسات بأن الصفقة كانت تعتمد كلياً على دفع هذه المبالغ لكسب تأييد السياسيين، وقد استغل كوريا علاقاته الوثيقة مع قيادات في الحزب الشعبي لضمان تمرير المشروع لصالح شركة "مارتينسا" العقارية التي كان يترأسها مارتين آنذاك.
اعتبرت المحكمة أن ما قام به مارتين يشكل جريمة مكتملة الأركان، حيث تضمنت التهم الموجهة إليه جرائم استغلال النفوذ، الاحتيال ضد جهات عامة، تقديم رشاوى، واعتداءات مالية على خزينة الدولة، وأكدت المحكمة أن الأحكام الصادرة ضده تشمل خمس جرائم منفصلة، مشيرة إلى أن العقوبة الإجمالية راعت بعض الظروف المخففة مثل اعترافه الكامل، طول أمد الإجراءات القضائية، وتعويضه للضرر المالي من خلال سداد مبلغ تجاوز 500 ألف يورو للسلطات الضريبية.
فرناندو مارتين، الذي يبلغ من العمر 77 عاماً، يُعد من رجال الأعمال المؤثرين في إسبانيا، فقد أسس شركة "مارتينسا" التي كانت في يوم من الأيام من كبرى شركات العقارات في البلاد، إلا أن الشركة تعرضت لانهيار مالي كبير أدى إلى إعلان إفلاسها عام 2008، مسجلةً بذلك أكبر حالة تعثر مالي شهدتها إسبانيا في تاريخها المعاصر.
وفي عام 2006، تولى مارتين رئاسة نادي ريال مدريد بشكل مؤقت عقب استقالة فلورنتينو بيريز، لكنه لم يستمر في المنصب لأكثر من شهرين، إذ أُجبر على مغادرته بقرار من مجلس إدارة النادي، لتبقى فترة رئاسته واحدة من أقصر الفترات في تاريخ النادي الملكي، ويعيد الحكم القضائي الأخير تسليط الضوء على الشبكة التي استخدمت نفوذها للتلاعب بالمناقصات والعقود، من خلال شراء ذمم مسؤولين محليين في البلديات التي كانت خاضعة لإدارة الحزب الشعبي.
شملت القضية إدانة شخصيات أخرى من أبرزها زعيم الشبكة فرانسيسكو كوريا، ونائبه بابلو كريسبو، إضافة إلى مجموعة من مسؤولي بلدية أرغاندا، لتتضح معالم شبكة فساد متجذرة اعتمدت على شبكة علاقات سياسية وتنظيم دقيق، بهدف تمرير عقود بمليارات اليوروهات دون المرور بالقنوات القانونية.