مصراوي 24
أغنية ”كتاب مفتوح”.. مصطفى كامل يطرح ثاني مفاجآت ألبومه الجديد اتهام رسمي يحذف أغنية ”أحبك” لحسين الجسمي من يوتيوب (تفاصيل) الصين تربك صفقة انتقال رونالدو وتُقلص حظوظ الأهلي في ضمه الأهلي يُنهي مشوار ميشيل يانكون ويكشف ملامح الجهاز الفني الجديد بقيادة ريبيرو استعدادات الأخضر.. رينارد يستدعي سالم النجدي لمعسكر منتخب السعودية استعدادًا لمواجهتي البحرين وأستراليا باريس سان جيرمان يقترب من خطف ميسي الجديد تحت أعين ريال مدريد عبد الصمد الزلزولي يلمع في نهائي المؤتمر الأوروبي ويشعل حسابات برشلونة المالية رسميًا.. الأهلي يُعلن التعاقد مع خوسيه ريبييرو لمدة عامين التفاصيل الكاملة بخصوص تعيين المعلمين بعد انتهاء اجتماع مجلس النواب اليوم تفاصيل جديدة في العلاقة بين نوال الدحوي وحفيدها أحمد قبل مقتله أسود الرافدين في معسكر مغلق.. موعد مباراة العراق والصين الودية والقنوات الناقلة اكتشاف جديد لا تعترف به الحكومة التركية.... استنشاق خلايا النحل فيه شفاء من الأمراض
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
الإثنين 16 يونيو 2025 08:11 مـ 20 ذو الحجة 1446 هـ

د. أحمد الخميسي يكتب: جــــدتــي الـــطــيـــبـــة.. أجـــــاثـــا كــريــــســتــي

في 12 يناير عام 1976 توفيت جدتي الحنون التي كانت تنتزعني من جهامة الواقع وهي تهمس لي بحكايات وألغاز مثيرة تشعرني أن الحياة يمكن أن تصبح ممتعة وأخاذة. جدتي العجوز الطيبة هذه هي أجاثا كريستي، التي تركت لنا 66 رواية بوليسية و14 مجموعة قصصية باعت ما يتجاوز ملياري نسخة. وكانت في مصر سلسلة شهرية لا أذكر اسمها تطبع كل شهر رواية لكريستي، وكنا ننتظر بلهفة مطلع كل شهر لنشتريها ثم نتشاجر أنا وأمي وأخواتي على أولوية القراءة حتى اتفقنا أن تكون ساعات الصباح لأمي وبقية ساعات النهار قسمة ما بيننا. إلا أن قراءة تلك الروايات ليست مسألة خاصة بعائلتنا، إذ يقبل على قراءتها ملايين القراء في العالم، ولابد أن وراء الشغف بالأدب البوليسي سرا وضرورة واحتياجا. وقد كانت نشأة ذلك النوع أقدم بكثير من ظهور حكايات جدتي وألغازها، بل إن أديبا عظيما مثل ماركيز اعتبر أن مسرحية " أوديب" التي كتبها سوفوكليس قبل خمسمائة عام من الميلاد أول وأروع عمل أدبي بوليسي وفسر ذلك بأن القاتل فيها كان يبحث عن نفسه! وقد استخدمت أعمال أدبية أخرى الحبكة البوليسية من دون أن نعتبرها روايات بوليسية، ويمكن في ذلك المجال الاشارة الى " اللص والكلاب" عند نجبي محفوظ، ورواية " الجريمة والعقاب" لدي دوستويفسكي، أما تاريخ القصة البوليسية الصرف فقد بدأ مع الأمريكي إدجار الآن بو خاصة قصته " جرائم شارع مورج" عام 1841، ومن بعده ظهرت روايات آرثر كونان دويل " شرلوك هولمز" منذ عام 1887، وبعد ذلك وبدءا من عشرينيات القرن الماضي تدفق نهر الروايات البوليسية بأقلام عديدة منها مارجري إلينجهام، وجون دكسون كار، وداشييل هاميت، اعتمدت كلها على وقوع جريمة واكتشاف القاتل بفضل محقق أو شرطي، وعمليا فإن البناء الفني في كل تلك الأعمال لا يتمايز إلا بحسب قدرة الأديب على خلق الحبكة ورسم الشخصيات. وينشغل الأدباء في رواياتهم تلك ليست بطبيعة الجريمة الاجتماعية أو أسبابها الاقتصادية، بل بفكرة اللغز في حد ذاته، ومتعة التحليل والتكهن والترقب وتخمين القاتل وانتظار إن كان الاستنتاج صحيحا أم لا. وشئنا أم أبينا فإن ذلك النوع من الروايات يندرج في خانة الأدب، إذا كان تصورنا للأدب أشمل وأوسع من حدود الأعمال العظيمة، وإذا أدركنا أن الأدب يقوم بأدوار مختلفة على مستويات متعددة ، قد تبدأ فقط بالتسلية، وصولا إلى الأفكار العظيمة، فليس بالحتم أن تكون كل الروايات " مدام بوفاري"، ولا " آنا كارنينا"، الروايات أيضا قد تكون " جريمة في قطار الشرق" تأليف الجدة الطيبة أجاثا كريستي، ذلك أن هذا النوع يستجيب لحاجة رئيسية في الطبيعة البشرية وفي نفس الانسان، أعني حاجته إلى الراحة واللهو والبحث عن أسباب التسلية ، ومن هنا ظهرت الألعاب المعروفة لدينا كالنرد والورق والضومينو، كما ظهرت في الأدب الشعبي الألغاز، وازداد تيار التسلية قوة في مجال الأفلام والروايات والبرامج الترفيهية لتسد ضرورة الكف عن التفكير في أي شيء والانقطاع للبحث عن القاتل، إلا أن ذلك التيار لم يجد من يجسده في الأدب العربي باستثناء بعض المحاولات التي لا ترقى لمستوى الأدب البوليسي في العالم. ومازلت إلى يومنا أحتفظ في مكتبتي بمعظم روايات أجاثا كريستي، لم أعد أقرأها، لكني أتذكر أحداثها إذا وقع بصري عليها ، فأشعر مجددا أن كريستي كانت منشغلة بأن تسعدني وأن تنتزعني من الواقع بحكايات جدة عجوز طيبة فلا أنسى اهتمامها ولا ما وهبتني من البهجة والإثارة.

د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري