مصراوي 24
أغنية ”كتاب مفتوح”.. مصطفى كامل يطرح ثاني مفاجآت ألبومه الجديد اتهام رسمي يحذف أغنية ”أحبك” لحسين الجسمي من يوتيوب (تفاصيل) الصين تربك صفقة انتقال رونالدو وتُقلص حظوظ الأهلي في ضمه الأهلي يُنهي مشوار ميشيل يانكون ويكشف ملامح الجهاز الفني الجديد بقيادة ريبيرو استعدادات الأخضر.. رينارد يستدعي سالم النجدي لمعسكر منتخب السعودية استعدادًا لمواجهتي البحرين وأستراليا باريس سان جيرمان يقترب من خطف ميسي الجديد تحت أعين ريال مدريد عبد الصمد الزلزولي يلمع في نهائي المؤتمر الأوروبي ويشعل حسابات برشلونة المالية رسميًا.. الأهلي يُعلن التعاقد مع خوسيه ريبييرو لمدة عامين التفاصيل الكاملة بخصوص تعيين المعلمين بعد انتهاء اجتماع مجلس النواب اليوم تفاصيل جديدة في العلاقة بين نوال الدحوي وحفيدها أحمد قبل مقتله أسود الرافدين في معسكر مغلق.. موعد مباراة العراق والصين الودية والقنوات الناقلة اكتشاف جديد لا تعترف به الحكومة التركية.... استنشاق خلايا النحل فيه شفاء من الأمراض
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
الثلاثاء 17 يونيو 2025 01:24 صـ 20 ذو الحجة 1446 هـ

اليوم ذكرى رحيل عبد الرحمن الخميسي

هو ” القِديسُ المَنْسى ” و ” جَبَلُ الفَّنِ المُتَحّرِكْ ” الروائى و الصَحَفى و الشّاعِرْ و المُخْرِجْ و الكاتِبْ الكَبيرْ و المُمَّثِل المُتَمَّيزْ ” عَبْدْ الرَّحْمَن عبد المَلك الخَميسى مُرَّادْ ” الشَّهير بعبد الرَّحْمَن الخَميسى و الذى يُعد واحدّاً مِن أبْرَزِ ظُرفاء عَصْرِه و كانَ يُشَّكِلَ مع أصدقائِهِ ” كامل الشِناوى ” و الشّيخ ” عبد الحَميد قطامش ” و ” حنفى مَحمود باشا قُطب ” حِزب الأحرار الدُستوريين و الشاعِر طاهر أبو فاشا حالَة مِن الزَخَمِ الوِجدانى و الإجْتماعِى فى القاهِرة قبل ثّورة يوليو و بعدها و كان يُحبَ إيقاعَ أصدقائِه فى المَقالب و المَواقف الكوميديّة و يَستّخدم موهبته فى ذلك للقَصاصِ مِمَن يواجِهونَه أو يوقِعونَه فى المَشَّاكِل كما كان له شَّخصية قياديَّة هَوَّنَتْ عليه كثيرّاً سَنوات سَجنِهِ و جَعلتُه يتّحكَمَ فى أوقاتِه داخل السُجونِ و المُعْتّقلات التى قَيّدت حَرَكته بسببِ دوره السياسى المُعارِض و آرائه ضِد نِظام الرئيس السادات و ضِد مُمارَساتِ بعضِ رجال عبد الناصر مِن قبله و بلا شكٍ فقد كان الخَميسى مِن قِمَمِ العُظماء فى الزّمَنِ الأصيل مُنذ سِتينيات و سّبعينيات و ثَمانينات القّرْنِ الماضى علاوة أنّهُ لم يَتَعَرّضَ لأى انتقاداتٍ عَلى المُستَوى الشّخصى مِثل الكثيرين مِن أبناءِ جيلهِ و هو ما يّكْمُنُ فى نّظرتِهِ إلى ذاتِه طوالَ الوقتِ بِطريقَةٍ بها ثِقة بالنَفْس و شُموخٍ مّمزوجٍ بدرجةٍ عاليّةٍ من الشَفافية و الصَراحة و الوضوح و الحقُ يُقال أن عبد الرحمن الخميسى كان كاملاً فى بهائِه و مُتوَّجاً بتاج ثقيلٍ تُرصِّعُه آلافُ اللآلئ و فى قلبِ كلِّ لؤلؤة مّشهدٍ و فكرةٍ و بيتُ شعرٍ و قلبِ شاعرٍ و روحِ أديبٍ و ليالٍ طوالٍ من الكفاحِ و السَّهر و السَفر حتى وصَلَ على عَربة مَلّكية تجرُّها خُيولٌ عربيةٌ قُدَّت مِن ماء الشِّعر و الملاحم و الأساطير فتعلّقتِ الأبصارِ بشّخصيته التى تحملُ إرثّاً هائلاً مِن فرائدِ رفيعة فى الفِكر و الأدب و النِضال التى لا يقوى على مُطارحتها إلا ذوو البأس و ذوو المَوهِبة مِن الحَقيقيين الذين لا تُدثِّرُهم قشورُ الزَّيف و غُلالاتُ الادّعاء فقليلون جدّاً من الشامخين الذين مّرور علينا بأعمالِهِمْ المُمّيزة يّسكنون القلب و لا يُغادرون و يغيبون و لكن تزورنا أطيافهم و نحنُ نائمون و قد يجهلون بأن لهُم فى عُيوننا قُصور و رموشنا لهم يّحرسون و هم الى أعماقنا أقربُ ما يتّخيلون و كان عبد الرحمن الخميسى بالتأكيد على رأس هؤلاء القليلين الذين تركوا بّصمة غائِرة فى قُلوبنا قبل أن يّتركوها فى ذاكرة مِصر و العالم العَربى أيضّاً .. ولد عبد الرحمن الخميسى فى 13 / 11 / 1920م فى مَدينة بورسعيد الباسِلة لأم حَضرية و أب فلاح مُتوسط الحالِ مِن قرية مِنية النَصر بمدينة المَنصورة ثم انفصلا الوالدين و كان الخميسى لايزال طِفلاً فلما بلغ السادِسة أرسلَهُ والده إلى مَدرسة فى قرية الزرقا ثم لمّدرسة القُبة الثانوية بالمَنصورة لكنه لم يُكمِل دراسته بها و حين كان فى العاشِرة حَشَدَ الصِبيّة فى قريتِهِ ذاتَ ليلة و اتَجَهَ بِهم إلى مَقابر الأثرياء فى القريّة لخلع أخشاب المقابر من أجل بناءٍ مّسرحٍ للفقراء ! و فى سن مُبّكِرة بدأ يكتُب الشِعر و يُرسل قصائدِه من المّنصورة فتنشرها كُبرى المّجلات الأدبية حينذاك مثل « الرسالة » لأحمد حسن الزيات و « الثقافَة » لأحمد أمين ثُم قرَرَ الخميسى الانتقالِ للقاهِرة عام 1936م و لم يكن له بها سند أو قريب و فيها أجبرته الظروف على العمل بائعّاً بمحل بقالة و كُمسارى و مُصحِحّاً بِمطبعَة و مُعلمّاً بمّدرسة أهلية و نام على أرائك الحَدائِقٍ ثم جابَ الريف مع فِرقة ” أحمد المسيرى ” المّسرحية الشعبية و كان عند رجوعِ الفِرقة مِن جولاتها يكتُب الأغانى فى شارع محمد على باسم مؤلفين آخرين نظير مبلغ زهيد و فى بداية الأربعينات تأثر بكاتبين عِملاقين الأول الشاعر الكبير ” خليل مطران ” و الثانى ” سلامة موسى ” الذى قاده إلى الفِكر الاشتراكى فيما دخل عالم الصَحافة فى وقت مُتأخر و كَتَبَ فى جريدة المصرى قبل ثورة 1952 و أصبح خلالِ سَنواتٍ قليلة « أكثر الكتاب شّعبية » و كان يكتب عَمودّاً ثابتّاً بعُنوان « مِن الأعماقِ » و لَمَعَ كشاعرّاً رومانسيّاً و بعد قيامِ ثورة يوليو 1952م تم اعتقاله بين عامى 1953م و 1956م بتُهمّة المّيل للفِكرِ الشُيوعىِ ! و انتقل بعد خُروجه من المُعتّقل للعَملِ فى جَريدة الجُمهورية و تم نقلِه بشكلٍ تعّسُفىٍ لاحقّاً للعَمَلِ فى وزارة التّموين ! ثُم قام الخَميسى بعد ذلك بتّكوين فرقة مّسرحيّة باسمِه و كتب سيناريوهات و أخَرَجَ أربعة أفلام و وضعَ الموسيقى التّصويرية لها و انتج ثلاثةِ مِنها و هذه الافلامُ هى ” الجزاء ” عام 1965م بُطولة حسين الشربينى و شمس البارودى و ” عائلات مُحترمة ” عام 1968م بُطولة ” حسن يوسف ” و ” ناهد شريف ” و “عبد المنعم ابراهيم ” و عدلى كاسب ثم قَدّمَ فى عام 1970م فيلم ” الحُب و الثَمن ” لأحمد مظهر و زيزى البدراوى و صلاح السّعدنى ثم فيلم ” زهرة البنفسج ” و الذى قام ببُطولته عادل امام و زبيدة ثروت كما كتب فيلم ” حسن و نعيمة ” الذى اخرجه بركات و قدم فيه الخميسى ” مُحَرّم فؤاد ” و ” سُعاد حسنى ” لأول مّرة كما قدم الى جوارهما فى الأفلام السابقة الكثير من الوجوه الجَديدة الذين أضحوا بعد ذلك نُجومّاً فى السينما المِصرية مِنهم ” صلاح السعدنى ” و ” حسين الشربينى ” و ” شمس البارودى ” و ” مديحة كامل ” و قد كان أقل أفلام الخميسى جودة ‘‘ زهرة البنفسج ‘‘ حيثُ لم يستمر فى دور العَرض أكثَرَ مِن 3 أيام ! أما أفضل أفلامِه فكان ” عائلاتٍ مُحترمَة ” َو اشتهر كمُمثل بدور الشيخ يوسُف فى فيلم ” اﻷرض ” مع المُخرج يوسف شاهين و لَمَعَ الخميسى أيضاً كشاعرّاً من شُعراء الرُومانسية و مدرسة أبوللو بروادِها الكبار ” على محمود طه ” و ” محمود حسن إسماعيل ” و ” إبراهيم ناجى ” و ” غيرهم ” ثُم انتّقل إلى تّعريبِ الأوبريتات فى تجرُبة كانت الأولى من نوعِها فى تاريخِ المّسرح الغنائى خاصة أوبريت ” الأرملة الطّروب ” و أوبريت ” حياة فنان ” و تم عرضِه فى دار الاوبرا عام 1970م و هو من تأليف الكاتب الإنجليزى ” إيفون نوفيلل ” و قد قام الخميسى بتّعريبه ليَقوم ببُطولتِه الفنان ” حَسن كامى ” كما قدّم أوبريت ” مَهر العروسة ” من تّلحينِ الموسيقار بليغ حمدى و إلى جانب ذلك كله كان الخَميسى يواصلَ دوره الصحفى و الأدبى فى مَجال القِصة و الشِعر و بعد عَودتِه إلى جَريدة الجُمهوريّة لاستئناف الكِتابة كان أول ما نَشَرَهُ سِلسِلةٍ مِن المَقالاتِ تّمَ مَنع نشر ما تَبّقى منها بآوامرٍ رئاسيّة ! و بعدها هاجَرَ الخَميسى مِن مِصر فى رحلةٍ طويلة مِن بيروت إلى بَغداد و مِن بغداد إلى ليبيا و مِنها إلى روما ثم باريس ثم موسكو التى حَصُلَ فيها على ” نَجمة لينين ” و كان صديقاً لعددٍ كبيرٍ من المُبدِعين و الشُعراء السوفيت و التقى بـ ” بريجينيف ” و بعالمِ الفضاء ” جاجارين ” الذى أفْرَدَ فى مُذكراتِه جُزءً كَبيرّاً للحَديثِ عن شّخصيته و قُدرتِهِ على اجتِذاب الأصْدقاء .. يُذكر أخيرًّ أن أنجب الخَميسى من الأبناء ” 13 ” و هُم بالتّرتيب ” عبد المَلكِ ” النَجل الأكبر ( و الد المُمثلة لقاء الخميسى ) ثم ” أحمد ” و ” ضياء ” و ” فتحى ” ثم ” عزة ” ثم ” عائشة ” ثم ” منى ” و له أربعة أبناءٍ من سّيدَةٍ أخرى هم ” عبد الرحمن ” و ” جهاد ” و ” عُرابى ” و ” طارق ” ثم اثنان من سّيدة رابِعة هما ” خالد ” و ” هند “.. للأسف الشَديد لم يَحصُل الخَميسى على أىِ جَوائزٍ مِصريّة ! حتى كِتابَة هذه السُطور فهل تَرُدُ له الأوبرا فى يومّاً ما الاعتبار و يُكتَبُ اسمة على أوبرا « الأرملة الطَروب » ؟ و هل يقوم المَجلس الأعلى للثقافةٍ بتّكريمة ؟ و هل يُطالب اتحاد الكُتّاب باطلاقِ اسمِة على أحدِ شَوارع المّنصورة ؟ و هل تقومُ الجامعاتُ بدِراسة أدبة عِلمّاً بأن هناك عَشَرَاتُ الدِراساتِ العِلميّة عَنهُ فى جامعاتِ موسكو و فرنسا و أمريكا ! و لكن لا أعْتَقِدَ حيثُ لا كَرامَةَ لنَبىٍ فى وَطَنِهِ الذى تغّرَبَ عَنهُ و ظّلَ يقضى ماتَبّقى له مِن سَنواتِ حياتِه خارجه حَتى وفاته فى 1 / 4 / 1987م و تم نقل جُثمانه ليُدفّن فى مدينة المّنصورة حسب وصيته الأخيرة بعد أن قال لنجلِه أحمد ” أسمع يا أحمد إذا حلت بى نهايتى فقُم بِدفنى إلى جوارِ شجرةِ فى المَنصورة أو أزرع لى شجرةٍ إلى جوارِ قبرى لأننى سأعودُ عُصفورّاً طليقّاً جَريحّاً كما بدأتُ و لابُد أن أجد لى مَكانّاً حتى اُغنى مِن فوقِ أغصانِه ” .. رَحِمَ الله عَبْدْ الرّحْمَن الخميسى و تَجاوَزَ عن سَيئاتِهِ و أسْكَنَهُ فسيح جنّاتِهِ .