صندوق الاستثمارات العامة السعودي ودوره في دعم نمو الاقتصاد
يواصل صندوق الاستثمارات العامة السعودي لعب دور محوري في رسم ملامح المشهد الاقتصادي للمملكة، بعد أن تحوّل إلى ركيزة أساسية في دعم النمو وتنويع مصادر الدخل الوطني. وبحسب اخبار اقتصاد السعودية، يقود الصندوق استراتيجية توسع طموحة تستهدف تعزيز استثماراته داخل المملكة وخارجها، عبر ضخ رؤوس أموال ضخمة في قطاعات حيوية تشمل الطاقة، التمويل، التقنية، والبنية التحتية. ويُنظر إلى الصندوق اليوم كأحد أكبر الصناديق السيادية في العالم بأصول تتجاوز تريليون دولار، ما يجعله المحرك الأبرز للنمو الاقتصادي المستدام في المملكة.
أداء قوي للبنوك المدعومة من الصندوق
تعد البنوك السعودية من أبرز المستفيدين من الدور الفاعل لصندوق الاستثمارات العامة، إذ يملك الصندوق حصصاً مؤثرة في عدد من المؤسسات المالية الكبرى. وقد أظهرت النتائج المالية الأخيرة لمصرف الإنماء مثالاً واضحاً على هذا الدعم، حيث تجاوزت أرباحه في الربع الثالث من العام الحالي التوقعات، مسجلة 1.59 مليار ريال بزيادة نسبتها 1.3% على أساس سنوي.
جاء هذا الأداء مدفوعاً بارتفاع الدخل التشغيلي بنسبة 5.3% نتيجة زيادة صافي الدخل من التمويل والاستثمار، إلى جانب نمو رسوم الخدمات المصرفية. وعلى الرغم من ارتفاع مخصص خسائر الائتمان بنسبة 22.8% إلى 256.3 مليون ريال، فإن المصرف تمكن من تحقيق نمو في الودائع بنسبة 12.2% والقروض بنسبة 15.2%، ما يعكس استمرار التوسع في النشاط الائتماني.
كما يشارك بنك الرياض والبنك السعودي الفرنسي والبنك الأهلي السعودي وتيرة النمو نفسها، حيث حقق الأخير أرباحاً فصلية بلغت 6.47 مليار ريال، بزيادة سنوية قدرها 20.6%. ويُعد الصندوق أكبر مالك للبنك بنسبة 37.2%، مما يعزز قدرته على دعم السيولة وتنويع أدوات التمويل في القطاع المالي.
"حصانة" السعودية وتعزيز كفاءة الاستثمار
على صعيد آخر، برزت شركة "حصانة للاستثمار" – الذراع الاستثمارية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية – كأحد أهم الكيانات المتعاونة مع الصندوق في إدارة الأصول الضخمة داخل المملكة. وقد أعلنت الشركة تعيين سبتي السبتي رئيساً تنفيذياً جديداً لها، خلفاً لسعد الفضلي الذي انتقل لتولي منصب في "بروكفيلد أسيت مانجمنت" السعودية.
يمتلك السبتي خبرة واسعة في القطاع المالي، إذ شغل مناصب في هيئة السوق المالية والرياض المالية، ويُتوقع أن يسهم في تعزيز استراتيجيات "حصانة" نحو تحقيق عوائد أعلى وتنويع المحافظ الاستثمارية. تمتلك الشركة أصولاً تتجاوز 320 مليار دولار، ما يجعلها من أكبر صناديق التقاعد في العالم بعد اندماجها مع المؤسسة العامة للتقاعد عام 2021.
تعمل "حصانة" جنباً إلى جنب مع الصندوق في العديد من المبادرات، من بينها التعاون مع شركات عالمية مثل EIG وبروكفيلد لتأسيس صناديق استثمارية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى خطة استثمارية بقيمة 1.5 مليار دولار في مبادرات المناخ التابعة لشركة TPG، مما يعزز توجه المملكة نحو الاستثمارات المستدامة.
دعم مشاريع البنية والطاقة عبر "أكوا باور"
في قطاع الطاقة، يواصل الصندوق دعم شركة "أكوا باور"، التي تُعد من أبرز شركات إنتاج الكهرباء وتحلية المياه في المملكة. وقد حصلت الشركة مؤخراً على تمويل بقيمة 10.8 مليار ريال لتوسعة محطة القريّة للإنتاج المستقل للكهرباء في المنطقة الشرقية، بقدرة إنتاجية تبلغ 3010 ميغاواط.
تبلغ حصة الصندوق في "أكوا باور" نحو 44.16% من رأس المال، ما يمنحه دوراً محورياً في توجيه استثمارات الشركة نحو الطاقة النظيفة والمشاريع طويلة الأمد. وتخطط الشركة لضخ ما بين 2 و2.5 مليار دولار سنوياً في مشاريع جديدة حتى عام 2030، مقارنة بمتوسط مليار إلى 1.3 مليار دولار في السنوات الماضية، مما يعكس الطموح المتزايد لدعم التحول نحو مصادر الطاقة المستدامة.
توسع استراتيجي ومكانة عالمية متنامية
يمثل صندوق الاستثمارات اليوم قوة اقتصادية تتجاوز حدود المملكة، إذ تصل أصوله إلى تريليون دولار، ويستثمر في مجالات متنوعة تشمل التقنية والطاقة والبنية التحتية والسياحة والترفيه. ويهدف الصندوق إلى تحقيق عوائد مالية مجزية مع خلق فرص عمل جديدة وتحفيز الاقتصاد الوطني.
كما يسعى إلى جذب رؤوس أموال أجنبية من خلال شراكات استراتيجية مع كبرى الشركات العالمية، بما يواكب خطة المملكة لإعادة هيكلة الاقتصاد بتكلفة تصل إلى تريليوني دولار. ومع استمرار توجه المستثمرين الدوليين نحو السوق السعودية، يبرز الصندوق كضامن رئيسي للاستقرار والثقة في البيئة الاستثمارية.
في الختام
يثبت صندوق الاستثمارات العامة قدرته على لعب دور محوري في صياغة مستقبل الاقتصاد المحلي والعالمي، من خلال مزيج من الحوكمة القوية والاستثمارات النوعية. وبين دعم البنوك، وتمويل مشاريع الطاقة، وتطوير الشراكات العالمية، يؤكد الصندوق أنه ليس مجرد مستثمر سيادي، بل ركيزة أساسية في بناء اقتصاد سعودي حديث قائم على التنوع والاستدامة.

