تحالفات طالبان الجديدة بين الهند وباكستان.. مناقشات سياسية لتعزيز استقلال كابول
		تعمل حركة طالبان في المرحلة الحالية على إعادة صياغة علاقاتها الإقليمية بين الهند وباكستان، في محاولة لإرساء توازن جديد يمنح كابول مساحة أوسع من الاستقلال السياسي في ظل التوترات المستمرة بين الجارتين النوويتين.
فمنذ عودتها إلى الحكم في عام 2021، بدأت طالبان تفتح قنوات تواصل مع نيودلهي، مستغلة الضغوط التي تواجهها باكستان بسبب الأوضاع الأمنية والنزاعات الحدودية على طول خط دوراند، في وقت تحاول فيه الحركة تجاوز الصورة النمطية التي ربطتها تاريخيًا بالتبعية لإسلام آباد.
وشكلت زيارة وزير الخارجية الأفغاني "أمير خان متقي" إلى الهند في أكتوبر الماضي محطة مهمة في هذا التحول، إذ أعقبتها خطوة هندية غير مسبوقة تمثلت في تحويل بعثتها الفنية في كابول إلى سفارة كاملة، في إشارة واضحة إلى رغبة نيودلهي في استئناف علاقاتها الرسمية مع حكومة طالبان بعد سنوات من الحذر.
ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان العلاقات التاريخية التي جمعت كابول ونيودلهي، إذ كانت الحكومات الأفغانية المتعاقبة منذ الاستقلال تميل إلى إقامة علاقات إيجابية مع الهند، في مقابل توتر دائم مع باكستان بسبب ملف الحدود ومشروع باشتونستان الذي طالما أثار حساسية سياسية بين البلدين.
ويبدو أن طالبان اليوم تسعى لتكرار هذا النمط، لكن بصيغة مختلفة، إذ تحاول ترسيخ استقلالها عن النفوذ الباكستاني ليس فقط سياسيًا بل دينيًا أيضًا، وهو ما ظهر في زيارة "متقي" لمدينة ديوبند الهندية، حيث نال شهادة في علوم الحديث ولقب "قاسمي"، في إشارة رمزية إلى استقلال المرجعية الدينية للحركة عن باكستان.
ورغم أن التقارب مع الهند لا يشكل تهديد مباشر لإسلام آباد بحكم غياب الحدود المشتركة بين البلدين، فإن الخطوات الأخيرة تعكس رغبة طالبان في استخدام علاقاتها مع نيودلهي كأداة توازن استراتيجي أمام الضغوط الباكستانية.
أما الهند، فتبدو حذرة في مقاربتها، إذ تركز على دعم المشاريع التنموية وتعزيز التواصل الدبلوماسي دون الدخول في مواجهة مفتوحة مع باكستان، مما يجعل العلاقة الثلاثية بين كابول ونيودلهي وإسلام آباد محكومة بمنطق الجغرافيا والتاريخ الذي يواصل رسم حدود النفوذ والتأثير في المنطقة.

