مصراوي 24
أغنية ”كتاب مفتوح”.. مصطفى كامل يطرح ثاني مفاجآت ألبومه الجديد اتهام رسمي يحذف أغنية ”أحبك” لحسين الجسمي من يوتيوب (تفاصيل) الصين تربك صفقة انتقال رونالدو وتُقلص حظوظ الأهلي في ضمه الأهلي يُنهي مشوار ميشيل يانكون ويكشف ملامح الجهاز الفني الجديد بقيادة ريبيرو استعدادات الأخضر.. رينارد يستدعي سالم النجدي لمعسكر منتخب السعودية استعدادًا لمواجهتي البحرين وأستراليا باريس سان جيرمان يقترب من خطف ميسي الجديد تحت أعين ريال مدريد عبد الصمد الزلزولي يلمع في نهائي المؤتمر الأوروبي ويشعل حسابات برشلونة المالية رسميًا.. الأهلي يُعلن التعاقد مع خوسيه ريبييرو لمدة عامين التفاصيل الكاملة بخصوص تعيين المعلمين بعد انتهاء اجتماع مجلس النواب اليوم تفاصيل جديدة في العلاقة بين نوال الدحوي وحفيدها أحمد قبل مقتله أسود الرافدين في معسكر مغلق.. موعد مباراة العراق والصين الودية والقنوات الناقلة اكتشاف جديد لا تعترف به الحكومة التركية.... استنشاق خلايا النحل فيه شفاء من الأمراض
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
الإثنين 16 يونيو 2025 08:45 مـ 20 ذو الحجة 1446 هـ

حـفـيـف صــنـدل.. قصة قصيرة. . أحمد الخميسي

توقف بي الميكروباص عند الكيلو 21 من الاسكندرية حيث تصطف السيارات المتجهة إلى القاهرة. هبطت تتأرجح على ظهري حقيبة صغيرة خفيفة، وامتد أمامي ميدان تنفتح عليه مثل الأسهم عدة شوارع غاصة بالحركة. لبثت أتلفت بحثا عن موقف سيارات القاهرة، فوقعت عيني على رجل نحيف في حوالي الأربعين في سروال ضيق مهترئ، وقميص عليه حروف انجليزية باهتة، قدماه في صندل بلاستيك مفتوح. نظرت إلى أصابع قدميه العارية فسرت منها في بدني قشعريرة الجو البارد. رأيته وقد مال بصدره وذراعيه على واجهة سيارة ملاكي، يمسح زجاجها بدوائر من خرقة متسخة. قلت له : " أين تقف سيارات القاهرة؟". ارتد بجذعه للوراء وأمعن النظر في طويلا وأنا أعاين شعر رأسه الأبيض الهائش من دون أن أعرف إن كان ذلك لون الشيب أم أنه بياض جير عمال الدهان. رمش بعينيه بفتور شخص لم يغسل وجهه طويلا ثم رفع ذراعه ببطء يشير إلى كوبري:" هناك. تحت ذلك الكوبري"، خرجت كلماته مثل بقبقة غريق لا يقوى على اطلاق صوته، حروفا داخل فقاعات هواء. التفت إلى حيث أشار وقلت له:" نعم. رأيت الكوبري". توقعت أنه سيوليني ظهره ويرجع إلى زجاج السيارة يلمعه بالخرقة السوداء، لكنه ظل يحدق بي في ثبات متخشبا في مواجهتي كأن ثمة حديثا معلقا لم ينته. سددت إليه نظرة أحاول أن أخمن ما الذي يحجم عن قوله، فلم أر سوى نظرة جوع غائر في ذكرياته وارتجاف شفته فاضطرب شيء في دمي، وأخرجت ورقة بخمسة جنيهات ناولتها إياه وأوليته ظهري. مشيت عدة خطوات وما لبث أن تناهى إلى حفيف صندله يزحف خلفي وصوته مهشما:" ليس الصف الأول من السيارات.الصف التالي..على اليمين". التفت إليه. كان رأسه يرجف مثل طائر لا يقوى على الرفرفة. قال:"الصف التالي.. على اليمين".أردف: "حضرتك عرفت؟". ناولته ورقة أخرى بعشرة جنيهات. استبقاها في راحة يده يمر عليها بأطراف أصابعه كأنه يستمد منها الدفء. قطعت عدة خطوات للأمام فتبعني يقول: " هناك سيارات تذهب بك إلى المرج وأخرى إلى ميدان رمسيس، لكن رمسيس أحسن لك. رمسيس أفضل لحضرتك"، وحدق بي بعينين تخترقان الفضاء وتسقطان على الأرض بلا أمل. تمتم: " حضرتك عرفت؟". وبقي جامدا تتدلى خرقة القماش من يد، ويده الأخرى تمر على الحروف الانجليزية الباهتة فوق قميصه. سحبت من جيبي ورقة مالية أخرى ناولتها إياه، قبض عليها بقوة ورفع بصره نحوي:"خلاص. حضرتك عرفت. خلاص. أنت عرفت". أولاني ظهره بحزم هذه المرة . مشي وهو يتلفت حوله في سيره. تابعته ببصري وهو يبتعد شيئا فشيئا. هبت على الميدان زوبعة باردة من البحر فرقته خيوطا تتأرجح في الريح، فلم يبق سوى صندل، وحفيف قلب يحتك بالأرض.