أوكرانيا تزيل الرموز الروسية... معركة الهوية تشتعل في قلب الثقافة

أطلقت أوكرانيا حملة ثقافية غير مسبوقة تحت اسم "إزالة التأثير الروسي"، تهدف إلى تحرير الفضاء العام من الرموز السوفيتية والروسية التي رافقت البلاد لعقود، تشمل هذه الحملة إعادة تسمية الشوارع والساحات، وتفكيك التماثيل المرتبطة بالرموز الروسية، وتشجيع اللغة الأوكرانية في المؤسسات التعليمية والثقافية.
في مدينة خاركيف، التي طالما كانت مركزًا للثقافة متعددة الأعراق، بدأت سلطات المدينة بإزالة تماثيل لشخصيات أدبية روسية شهيرة، في خطوة ترمز إلى القطيعة مع إرث الهيمنة الثقافية الروسية، وترسيخًا لسيادة الهوية الوطنية الأوكرانية.
التحول لم يكن شكليًا فقط، بل أصبح جزءًا من توجه اجتماعي عميق، ففي مهرجان شعبي أقيم في العاصمة كييف، اجتمع مئات الشباب للاحتفال بتراثهم الأصيل عبر دمج الأغاني الفولكلورية مع الموسيقى الإلكترونية، في تعبير فني يعكس رغبة جيل جديد في استعادة تقاليده وإعادة تقديمها بروح عصرية.
من جهته، يعمل صانع الآلات الموسيقية الشاب هيرمان كولمينكو على بناء مكتبة صوتية رقمية تضم الأصوات التقليدية الأوكرانية، لتوظيفها في الإنتاجات الموسيقية الحديثة، مما يعكس محاولة فنية لدمج الماضي بالحاضر ومواجهة "الاستعمار الثقافي" الذي يقول نشطاء إنه طمس الهوية الأوكرانية لعقود.
التحولات الثقافية تتزامن مع إجراءات قانونية اتخذتها كييف منذ عام 2015، شملت قوانين لإزالة الرموز الشيوعية، وأخرى لتقييد المؤسسات الدينية المرتبطة بروسيا، في إطار "تفكيك الاستعمار" ومحاصرة النفوذ الروسي داخل البلاد، خاصة بعد الغزو العسكري عام 2022.
وفي هذا السياق، تؤكد شخصيات ثقافية بارزة أن الحفاظ على اللغة والثقافة لم يعد ترفًا، بل أصبح أداة دفاع حقيقية. فكما يقاتل الجنود على الجبهة العسكرية، يرى المثقفون والفنانون أن دورهم لا يقل أهمية في الجبهة الثقافية التي تحصّن الوعي الأوكراني من محاولات الطمس والاختراق.