تساؤلات حول مستقبل مشروع ذا لاين: هل ينهار ”حلم نيوم” أمام قوانين الواقع والفيزياء؟
يروي تقرير موسّع نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية قصة تحول فكرة طموحة إلى واقع صعب، حيث يعتمد على شهادات داخلية وصور ووثائق توضح كيف بدأت رؤية مدينة ذا لاين ثم اصطدمت بحدود الواقع.
بدأ الأمر كرؤية شخصية من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي طلب تحويل شريط عرضي إلى برجين متوازيين يمتدان 170 كيلومتراً بارتفاع 500 متر، مع ربط كامل وتصميم معكوس، رافضاً أي اقتراح لتخفيض الارتفاع إلى 100 متر لتوفير التكاليف أو الحفاظ على المنظر.
استمر التصميم رغم تحذيرات المهندسين من تعقيدات بناء "ثريا معلقة" رأساً على عقب، إذ أشار أحدهم إلى مخاطر التأرجح الناتج عن دوران الأرض وتمايل الأبراج، لكن المدير التنفيذي طارق قدومي استمع دون تغيير الخطط.
حدد جدول زمني مكثف يستهدف إنهاء 16 كيلومتراً بحلول 2030 مع بدء السكن عام 2025، لكن الحسابات كشفت حاجة كل وحدة طولها 800 متر إلى 3.5 مليون طن فولاذ و5.5 مليون متر مكعب خرسانة، أي استهلاك 60% من الإنتاج العالمي للفولاذ الأخضر سنوياً.
أضيفت فكرة قطار فائق السرعة يربط المطار بالساحل في 20 دقيقة بناءً على اقتراح عفوي، رغم إيقاف مطار نيوم إلى أجل غير مسمى، مما جعل الحفر تحت الجبال والأنفاق غير ذات جدوى عملية.
أثار المشروع مخاوف بيئية جسيمة، إذ يقطع مسارات هجرة الثدييات والطيور، وبعد مئات الاجتماعات حول الطيور تبين أن الفتحات المقترحة في المبنى لن تحل المشكلة.
انطلقت أعمال الأساسات بستين آلة تعمل دون توقف، مدقة 65 قاعدة يومياً، ليصل العدد إلى ستة آلاف على مسافة كيلومترين بتكلفة مليارات، لكن مع انخفاض أسعار النفط أعيد تقييم الالتزامات.
تقلصت الوحدات المخططة تدريجياً من 20 إلى 12 ثم 7 فـ4، وانتهى الأمر بثلاث وحدات فقط بنهاية 2023، مما جعل الأساسات السابقة بلا فائدة، وأطلق تدقيق داخلي لكن المسؤول انسحب أمام العراقيل.
سيطر جو الخوف في الاجتماعات مع ولي العهد، حيث يحضر مع عشرات المرافقين، ويكرر الحاضرون إعجابه أو استيائه دون نقاش، واضطر الموظفون لتزييف الجداول الزمنية والتكاليف.
أنفق ما يزيد عن خمسين مليار دول Sonora حتى الآن، لكن العمل توقف عملياً، مع التركيز على مبانٍ صغيرة قرب المارينا، وغطت الرمال بعض الركائز الأولى، تاركة الصحراء مليئة بخنادق فارغة.


