انهيار الدعاية الإسرائيلية: أفيخاي أدرعي يودع منصبه بعد عقدين من الفشل في إقناع العرب
أفصح المتحدث العسكري للاحتلال أفيخاي أدرعي عن تركه وظيفته بشكل نهائي بعد نحو عقدين في قسم الإعلام الموجه للعرب، مما يضع حداً لمسيرة إعلامية طويلة جعلته واحداً من أبرز الشخصيات الإسرائيلية المرفوضة تماماً في الرأي العام العربي.
سعى أدرعي طوال هذه الفترة إلى إدارة حملة إعلامية مستمرة تهدف إلى التأثير في تفكير الجمهور العربي، وتحسين وجه الاحتلال من خلال وسائل اتصال عصرية وكلام عربي ماهر.
برز أدرعي مع مطلع الألفية الحالية كمتحدث رسمي للجهاز العسكري الإسرائيلي، فهو يستخدم لغة عربية بليغة مع أسلوب هادئ أحياناً ولاذع أحياناً أخرى، ليصور نفسه كصوت معتدل داخل منظومة القتال الإسرائيلية.
حضر بكثافة على القنوات الفضائية العربية ومواقع التواصل، وذلك لكي يشرح مواقف الاحتلال خلال الاشتباكات، ويسعى لتبرئة الانتهاكات في لبنان وغزة وسوريا.
رغم تكرار ظهوره، بقي وجوده محل نقاش حاد، حيث رآه الكثيرون غطاءً رقيقاً للعمليات النفسية الإسرائيلية ومحاولة لجعل العداء مع الاحتلال أمراً عادياً عبر لهجة الود والانفتاح.
ويذكر أن أدرعي اعتمد في عمله الإعلامي على استراتيجيات دعائية مدروسة بعناية، حيث بدأ بالسخرية من أعداء إسرائيل في تصريحاته العامة، مستخدماً التهكم على قادة المقاومة الفلسطينية وعلى تقارير الإعلام العربي، ليثير الجدل ويوجه الأنظار إلى أفكاره.
كما كرر عبارات محددة وكلمات محملة بالدلالات لترسيخ الأفكار التي تفيد الاحتلال، مثل تسمية المقاومين بـ"المخربين" أو "داعش حماس"، مقابل التأكيد على تسمية الجيش بـ"جيش الدفاع".
تجاوز ذلك إلى استخدام التناقضات في كلامه، بتعظيم قوة الاحتلال وتصغير إمكانيات المقاومة، ليحول الرأي العام نحو قبول التفوق الإسرائيلي المدعى.
كان هدفه الأساسي ليس مجرد النقل الإعلامي، بل تهيئة الجمهور العربي نفسياً للكيان الصهيوني، من خلال ما يعرف في دراسات الإعلام بـ"إزالة الحاجز العاطفي" بين المحتل والشعوب المحتلة.
ومع اشتداد العدوان الإسرائيلي على غزة، تعرض أدرعي لهجمات نقدية واسعة داخل إسرائيل وخارجها، خاصة بعد عجز السردية الرسمية عن تبرير حجم الانتهاكات ضد المدنيين.
في حين كشفت دراسات إعلامية أن خطابه، الذي روج كأنموذج للتواصل مع العرب، خسر تأثيره شيئاً فشيئاً مع انتشار الصور الواقعية للخراب والألم في القطاع، مما جعل تمرير الرسائل الدعائية أمراً مستحيلاً أمام مشاهد الواقع اليومي.
وفي السياق ذاته، أفادت تقارير بأن رحيله يأتي ضمن تغييرات جذرية في هيكل الإعلام الإسرائيلي بعد فشل حملة "الردع النفسي" في بلوغ غاياتها، وانخفاض الثقة الجماهيرية في المتحدثين العسكريين.
وهنا يؤكد مراقبون أن مغادرة أدرعي تغلق باباً لأحد أهم أسلحة الاحتلال في المعركة الإعلامية ضد العرب.
رغم مهارته في جذب الاهتمام وإتقانه للعربية بدقة، لم يتمكن من التأثير في قناعات العرب أو تعديل نظرتهم إلى إسرائيل، بل أصبح مع الزمن رمزاً للكلام المزيف والمثير للغضب في عيون الكثيرين.

