مصراوي 24
أغنية ”كتاب مفتوح”.. مصطفى كامل يطرح ثاني مفاجآت ألبومه الجديد اتهام رسمي يحذف أغنية ”أحبك” لحسين الجسمي من يوتيوب (تفاصيل) الصين تربك صفقة انتقال رونالدو وتُقلص حظوظ الأهلي في ضمه الأهلي يُنهي مشوار ميشيل يانكون ويكشف ملامح الجهاز الفني الجديد بقيادة ريبيرو استعدادات الأخضر.. رينارد يستدعي سالم النجدي لمعسكر منتخب السعودية استعدادًا لمواجهتي البحرين وأستراليا باريس سان جيرمان يقترب من خطف ميسي الجديد تحت أعين ريال مدريد عبد الصمد الزلزولي يلمع في نهائي المؤتمر الأوروبي ويشعل حسابات برشلونة المالية رسميًا.. الأهلي يُعلن التعاقد مع خوسيه ريبييرو لمدة عامين التفاصيل الكاملة بخصوص تعيين المعلمين بعد انتهاء اجتماع مجلس النواب اليوم تفاصيل جديدة في العلاقة بين نوال الدحوي وحفيدها أحمد قبل مقتله أسود الرافدين في معسكر مغلق.. موعد مباراة العراق والصين الودية والقنوات الناقلة اكتشاف جديد لا تعترف به الحكومة التركية.... استنشاق خلايا النحل فيه شفاء من الأمراض
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
الأربعاء 18 يونيو 2025 12:19 صـ 21 ذو الحجة 1446 هـ

أحمد الخميسي يكتب: نـقـر الـعـصـافـيـر

كانت العصافير تحوم كل صباح مجتمعة في غيمة ترفرف أطرافها بعشرات الأجنحة الصغيرة تصطفق في الهواء. لم أكن أسمع صوت الرفيف وأنا داخل الزنزانة لكني كنت اتخيل ذلك الصوت الدقيق العذب، وأكاد أسمعه في داخلي، وما تلبث الغيمة أن تهبط إلى قضبان الكوة العالية بجدار الزنزانة، وتبدأ بنقر القضبان نقرات متتالية وهي تعلو وتهبط، وأنا واقف داخل الزنزانة المحكمة البناء، لا أسمع الزقزقة ولا النقرات الخفيفة، لكن أصواتها تنبعث من داخلي وأنا أتطلع إلى الكوة العالية. وفي تلك اللحظات أشعر بغرابة أن يكون الانسان مسجونا، ينصت من داخله إلى نقر غيمة العصافير التي ما تلبث أن تحلق عالية وتختفي، فلا يبقى طوال النهار سوى الصمت، صمت ممتد غريب وثقيل، يخيم على الرمال الصفراء التي تطوق الزنازين، صمت أقرب ما يكون إلى كائن ضخم من غبار وأتربة يدب ببطء ويصلني وقع خطواته وهو يجرجر قدميه الثقيلتين، وهو يغمغم بشيء مبهم، مرعب، يتمطى بلا نهاية.

مابين غيمة٠العصافير في الصباح وحتى الليل، لا يبقى في الصمت سوى أن أقطع أرض الزنزانة ثلاث خطوات حتى بابها وثلاث خطوات رجوعا وأنا أكلم نفسي بلا هدف، وأدوس بقدمي على عمري ذهابا وإيابا قاتلا وقتيلا. في أيام الحبس الأولى شغلتني مراقبة العصافير باهتمام وأمل، وفي صميم روحي وبدني ظن أن غيمة الطير ستنقل إلي رسالة من العالم الواقع خلف الأسوار، وأنها ستحمل في منقارها كلمة موجهة إلي، أو شعورا، أو لهفة إنسان من الحياة التي لا أراها، لكن العصافير كانت تهبط كل صباح غيمة مرفرفة، تحط أولا على الرمال وتنقر الأرض بحثا عن قوت، ثم تحلق مرتفعة وتقترب من كوة الزنزانة، وتبدأ في نقر القضبان، وما تلبث أن تعلو وتختفي، فيشرع الصمت في مشيته البطيئة مثل حيوان أسطوري وهو يخور بحنك مفتوح ليلتهم كل شيء. وطوت السنون عاما بعد عام كل ذلك: الأبواب الحديدية المغلقة، خطوات الحرس، الصحف الممنوعة، والزيارات، وشوق الأحبة والأهل، الأرق الليلي، الانتفاضة مع صوت اصطفاق الأبواب المفاجئ، الرسائل التي كتبها الخيال ولم يرها الورق، طوت السنوات كل شيء، وغمرته بأيامها ماعدا دبيب الصمت في الرمال، وغيمة العصافير التي صارت الآن تهبط من وقت لآخر على شباكي في بيتي، ترفرف بعشرات الأجنحة الصغيرة، تذكرني بشيء لا أذكره، تسألني عن شيء لم أعرفه، وتختفي عدة أيام ثم تعاود الظهور، تنقر شباكي وتحدق بي لعلني أتذكر ما لا أتذكره، وأدرك ما لم أدركه عندما كانت العصافير تنقر القضبان.