مصراوي 24
من هو نور الدين بن ذكري ويكيبيديا المرشح لتدريب الزمالك بعد يانيك فيريرا؟ مواجهة نارية في الدوري الألماني.. كل ما ترغب بمعرفته عن مباراة بوروسيا دورتموند وأوغسبورغ خاص للصباح العربي| إقالة يانيك فيريرا رسميًا خلال الساعات القادمة وموسيماني البديل بنسبة 90% كيفية إدخال شفرة قناة الجزائرية الأرضية على النايل سات خطوة بخطوة لمشاهدة مجانية الاتفاق يصطدم بالحزم اليوم في الجولة السابعة من مواجهات الدوري السعودي 2025 ميعاد افتتاح المتحف المصري الكبير” الرسمي.. دليل شامل بمواعيد الحفل والتغطية التلفزيونية وأسعار التذاكر استغلوا الذكاء الاصطناعي: خطوات تحويل صورتك بالزي الفرعوني مجاناً للمشاركة في تريند افتتاح المتحف المصري الكبير ما هو دعاء البرق والرعد المستجاب؟ الدعاء الذي يقال عند سماع البرق والرعد صيغة دعاء استفتاح الصلاة وحكمه مكتوب كامل بخط كبير تفسير رؤية الميت في المنام وهو حي ولا يتكلم للمتزوجة لابن سيرين تفسير حلم خطوبة للعزباء من شخص مجهول في المنام لا تعرفه لابن سيرين تفسير حلم نزول المطر للمتزوجة والحامل في المنام بغزارة عند ابن سيرين
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
السبت 1 نوفمبر 2025 04:06 صـ 11 جمادى أول 1447 هـ

أحمد الخميسي يكتب: نـقـر الـعـصـافـيـر

كانت العصافير تحوم كل صباح مجتمعة في غيمة ترفرف أطرافها بعشرات الأجنحة الصغيرة تصطفق في الهواء. لم أكن أسمع صوت الرفيف وأنا داخل الزنزانة لكني كنت اتخيل ذلك الصوت الدقيق العذب، وأكاد أسمعه في داخلي، وما تلبث الغيمة أن تهبط إلى قضبان الكوة العالية بجدار الزنزانة، وتبدأ بنقر القضبان نقرات متتالية وهي تعلو وتهبط، وأنا واقف داخل الزنزانة المحكمة البناء، لا أسمع الزقزقة ولا النقرات الخفيفة، لكن أصواتها تنبعث من داخلي وأنا أتطلع إلى الكوة العالية. وفي تلك اللحظات أشعر بغرابة أن يكون الانسان مسجونا، ينصت من داخله إلى نقر غيمة العصافير التي ما تلبث أن تحلق عالية وتختفي، فلا يبقى طوال النهار سوى الصمت، صمت ممتد غريب وثقيل، يخيم على الرمال الصفراء التي تطوق الزنازين، صمت أقرب ما يكون إلى كائن ضخم من غبار وأتربة يدب ببطء ويصلني وقع خطواته وهو يجرجر قدميه الثقيلتين، وهو يغمغم بشيء مبهم، مرعب، يتمطى بلا نهاية.

مابين غيمة٠العصافير في الصباح وحتى الليل، لا يبقى في الصمت سوى أن أقطع أرض الزنزانة ثلاث خطوات حتى بابها وثلاث خطوات رجوعا وأنا أكلم نفسي بلا هدف، وأدوس بقدمي على عمري ذهابا وإيابا قاتلا وقتيلا. في أيام الحبس الأولى شغلتني مراقبة العصافير باهتمام وأمل، وفي صميم روحي وبدني ظن أن غيمة الطير ستنقل إلي رسالة من العالم الواقع خلف الأسوار، وأنها ستحمل في منقارها كلمة موجهة إلي، أو شعورا، أو لهفة إنسان من الحياة التي لا أراها، لكن العصافير كانت تهبط كل صباح غيمة مرفرفة، تحط أولا على الرمال وتنقر الأرض بحثا عن قوت، ثم تحلق مرتفعة وتقترب من كوة الزنزانة، وتبدأ في نقر القضبان، وما تلبث أن تعلو وتختفي، فيشرع الصمت في مشيته البطيئة مثل حيوان أسطوري وهو يخور بحنك مفتوح ليلتهم كل شيء. وطوت السنون عاما بعد عام كل ذلك: الأبواب الحديدية المغلقة، خطوات الحرس، الصحف الممنوعة، والزيارات، وشوق الأحبة والأهل، الأرق الليلي، الانتفاضة مع صوت اصطفاق الأبواب المفاجئ، الرسائل التي كتبها الخيال ولم يرها الورق، طوت السنوات كل شيء، وغمرته بأيامها ماعدا دبيب الصمت في الرمال، وغيمة العصافير التي صارت الآن تهبط من وقت لآخر على شباكي في بيتي، ترفرف بعشرات الأجنحة الصغيرة، تذكرني بشيء لا أذكره، تسألني عن شيء لم أعرفه، وتختفي عدة أيام ثم تعاود الظهور، تنقر شباكي وتحدق بي لعلني أتذكر ما لا أتذكره، وأدرك ما لم أدركه عندما كانت العصافير تنقر القضبان.