حقيقة مشروع ربط السنترالات بشبكة موحدة.. وزير الاتصالات يكشف التفاصيل بعد حريق سنترال رمسيس

ظهرت خلال الساعات الماضية موجة من المنشورات المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي، تروّج لرواية مثيرة تربط بين حادث حريق سنترال رمسيس الذي وقع مؤخرًا وبين مشروع تقني كانت جهات أمريكية قد حاولت تمريره إلى مصر قبل سنوات، تحت غطاء ما سُمّي وقتها بـ"منحة لتطوير البنية التحتية للاتصالات"، وهو المشروع الذي جرى إيقافه بقرار سياسي رفيع قبل تنفيذه بالكامل، حسب ما تزعم تلك الروايات.
تفاصيل الرواية المنتشرة تعود إلى ما وصفته المنشورات بمحاولة أمريكية لربط جميع سنترالات الجمهورية بشبكة موحّدة، ما يعني إنشاء نقطة مركزية تتحكم في كامل منظومة الاتصال على مستوى الدولة، الأمر الذي أثار حينها اعتراضًا حادًا من المؤسسة العسكرية، التي حذّرت من أن نجاح هذا المخطط قد يجعل البلاد عرضة لانهيار كامل في حالة أي اختراق أو عطل يصيب السنترال المركزي، وهو ما اعتُبر تهديدًا مباشرًا للأمن القومي.
وبحسب نفس المنشورات، فإن الرئيس الأسبق حسني مبارك استدعى وزير الدفاع حينها المشير محمد حسين طنطاوي لمناقشة توقّف المشروع، ليؤكّد له الأخير أن المضي قدمًا في هذا الربط يحمل مخاطرة كبيرة، كونه سيجعل مصر مكشوفة أمام أي هجوم سيبراني أو فني، وقد يحوّلها في لحظة إلى دولة معزولة عن الاتصال، بلا إنترنت أو هواتف أرضية، كما أن توقف سنترال واحد قد يؤدي إلى تعطيل شامل في جميع المحافظات.
تشير الرواية إلى أن الرئيس مبارك أمر بوقف المشروع فورًا بعد علمه بأن سنترالين فقط جرى ربطهما حتى تلك اللحظة، حيث أصدر تعليمات بإنهاء التعاون و"إزاحة" المشروع من أجندة الدولة تمامًا، وهي الخطوة التي يعتبرها البعض سببًا رئيسيًا في نجاة البنية التحتية للاتصالات في مصر من انهيار شامل، خاصة في ظل الحوادث الطارئة مثل ما وقع في سنترال رمسيس مؤخرًا.
في سياق متصل، تحرّك وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت إلى موقع الحادث فجر اليوم، بعد أن عاد من الخارج بشكل عاجل لمتابعة التطورات على الأرض، حيث أجرى جولة داخل مبنى السنترال في وسط القاهرة، واطّلع ميدانيًا على حجم الأضرار التي نجمت عن الحريق الذي اندلع عصر الاثنين، واستمع إلى شرح تفصيلي من المهندس محمد نصر، الرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات، حول ملابسات ما حدث.
وأكد الوزير أن النيران بدأت داخل إحدى صالات الطابق الخاص باستضافة مشغلي الاتصالات، الذي يضم وحدات مستقلة لكل مشغل، وأن شدة الحريق تسببت في امتداده إلى أدوار عليا، رغم تجهيز السنترال بأنظمة إطفاء ذاتية، إلا أن ارتفاع درجات الحرارة وحجم الاشتعال أعاق السيطرة المبكرة على النيران.
وأوضح طلعت أن الوزارة نقلت كافة خدمات الاتصالات التي كانت تعتمد على سنترال رمسيس إلى سنترالات بديلة، تعمل الآن كشبكة احتياطية لضمان استمرار الخدمة، مؤكدًا أن مصر لا تعتمد على مركز واحد فقط لتقديم خدمات الاتصال، وأن سنترال رمسيس سيبقى خارج الخدمة لأيام، لكن الشبكة لن تتأثر بشكل جوهري.
وأشار إلى أن معظم الخدمات الحيوية كالإسعاف والمطافئ والطوارئ والمرافق العامة، إلى جانب شبكات تقديم الخبز والموانئ والمطارات، تعمل بشكل طبيعي في أغلب المحافظات، بينما ظهرت بعض الأعطال المحدودة في محافظات معينة، ويجري التعامل معها حاليًا لإعادة التشغيل الكامل خلال صباح اليوم.
وخلال تفقده للحالة العامة، زار وزير الاتصالات عددًا من المستشفيات التي نُقل إليها المصابون في الحريق، شملت مستشفى المنيرة، ودار الفؤاد، وصيدناوي، والمستشفى القبطي، حيث اطمأن على حالتهم الصحية ووجّه بسرعة توفير الرعاية الطبية والدعم النفسي اللازم لهم، كما تقدّم بالتعازي إلى أسر الضحايا، مشيدًا في الوقت ذاته بجهود قوات الإطفاء التي نجحت في منع امتداد الحريق إلى باقي المنشآت المجاورة.
وشدد الدكتور عمرو طلعت على أن فرق الوزارة تتابع الحدث لحظة بلحظة، وأصدر تعليمات بتسريع وتيرة الإصلاح، وحصر المستخدمين المتأثرين واتخاذ ما يلزم لتعويضهم، مؤكدًا أن عودة الخدمات بالكامل ستتم تدريجيًا خلال الساعات الـ 24 المقبلة.
وبينما تواصل الجهات المعنية التحقيق في أسباب الحريق، وتقييم آثار ما جرى، تتصاعد في الخلفية أسئلة تفرضها منشورات السوشيال ميديا حول الرواية التي تربط بين ما حدث في سنترال رمسيس ومخططات قديمة ظلت طيّ الكتمان، ما يفتح الباب مجددًا أمام النقاش حول استقلال البنية التحتية الرقمية، وأهمية توزيع مراكز التحكم بعيدًا عن أي تمركز قد يتحول إلى نقطة ضعف.